بينما نعيش لحظاتِ حياتنا المختلفة،المحزنة والمفرحة،وبينما نُحي ذكرياتنا المختلفة أيضًا كذكريات رحيل القادة كالياسين والمقادمة وأبو شنب والرنتيسي وغيرهم الكثير،أو ذكريات المجازر الوحشية كذكرى مجزرة دير ياسين ونحالين وقبية وغيرهن الكثير،،،،يطل علينا بعد أيام من الآن الثامن عشر من إبريل ـ وهو اليوم الذي خُصص ليكون يومًا للتراث العالمي،حيث يحتفل العالم بأسره على اختلاف توجهاته وألوانه وأجناسه وتراثه بهذا اليوم...
وفيما يُحي العالم هذا اليوم بالاحتفالات والمهرجانات البهيجة،فإن الفلسطينين لهم طريقتهم الخاصة بإحياء تراثهم العتيد،رغم أنف السارقين له والخائنين لأرض الأجداد،ففي هذا اليوم العالمي تتضاعف أنات الفلسطينين من أسرى وجرحى ومغتربين ولاجئين ومشردين وهائمين وحيارى...وكيف لا تزداد المعاناة؟وكيف لا يكبر الحنين لأرض الأجداد وتراثهم الأصيل؟! أليس أصل نكبتنا يكمن في تهجيرنا عن أرض الحبِ والدفءِ والحنان؟!ألم يدفع الشرفاء من أبناء شعبنا ثمنًا للجية والمجدل وبيت دراس وعموم القرى المحتلة عام ثمانية وأربعين أرواحهم وحريتهم التي لا زالت رهينةً في سجون الغاصبين حتى يومنا هذا؟!!
يحقُ لقلبي اليوم أن يهدأ بعد أن أنهينا كافة الاستعدادات والترتيبات المتعلقة ببرنامج حفل افتتاح معرض التراث الخاص بشابات القطاع المسلمات"ها أنا أشاهد الدعوة التي سنرسلها إلى كل المهتمين برفعة وحماية التراث، والتي آثرنا أن يكون عنوانها ـ فلسطينية كانت وستبقىـ .
بالطبع هذا ليس المعرض الأول الذي ننظمه، ولكنه هو المعرض الأول الذي يُقام في قصرٍ أثري يقع في حي الشجاعية بمدينة غزة،وهنا لا أُخفي على كل من يقرأ هذه السطور مدى الصدمةِ التي اعترت قلوب أغلب من نسقنا معهم لمشاركتنا حفلنا ومعرضنا هذا الذي سنفتتحه يوم الأربعاء القادم في مناسبة التراث العالمي...
نعم لقد كانت الصدمة كبيرة...حي الشجاعية يوجد فيه قصر أثري؟!!تعبنا ونحن نصف لهم المكان ونشرحُ لهم طبيعته؟كنا نُجيبهم على الفور...المكان هو قصر آل حتحت الكائن في شارع بغداد بجوار مسجد السيدة رقية ومقابل محلات قنيطة...نعم في هذا المكان وبين شوارع حي الشجاعية الضيقة...يوجد معلمًا أثريًا مهمًا في تاريخ الفلسطينين،سيحتضن معرضًا لتراثها الأصيل.
إن هذه الخطوة الرائدة والمتمثلة في تنظيم معرض للتراث الأصيل في قصرٍتراثيٍ يشرح تاريخ العمارة والبناء لدى الفلسطينين، تدل على أن الفلسطينين لن يتنازلوا عن ذرةِ ترابٍ من أرضِ فلسطين،كما أنهم لن يضحوا بغرزةٍ واحدةٍ من ثوبِ الفلاحة الفلسطينية التي أبدعت في الحياكةِ والتطريز رغم الحياة البدائية التي عاشتها قبل التهجير.
في هذا المعرض المنتظر تفاعلت وتعاونت الشابة الفلسطينية من أقصى شمال القطاع إلى أقصى جنوبه،هذه عليها جمع صور النكبة والغربة،وتلك عليها إحضار الشتلات الزراعية،ورابعة عليها عمل المأكولات الشعبية،وخامسة عليها جمع الأثواب والأزياء بمختلف أشكالها وأحجامها وأنواعها...وهذه وهذه...
معرض ـ فلسطينية كانت وستبقى ـ صرخةٌ في وجه كل من يدعون بأن الشعب الفلسطيني نسي تراثه،وتجاهل حياة أجداده،بل هو صرخةٌ في وجه كل من تباكى على التراث وأطلق الإشاعات وألف الكتب التي يندى لها الجبين ككتاب ـ قول يا طير ـ الذي ظلمّ الأجداد واتهمهم بقصد أو بدون قصد أنهم بلا أخلاق...
يوم الأربعاء القادم 18ـ 4ـ 2007م على كل الوجوه الإعلامية والثقافية والأدبية والتراثية أن تكون حاضرةً في العرس الوطني الخاص بيوم التراث العالمي ...
لا يجب أن يعتذر أحد ...فلا مجال للإعتذار أو التراجع أو التبرير...لا مجال لأي شيءٍ غير الحضور والمشاركة الفعالة...مدعوٌ كل أديب وفنان وشاعر وكاتب وصحفي أن يعبر بقلمه ومن وجهة نظره عن المعرض التراثي الذي تنظمه المرأة الفلسطينية التي ظُلمت في كتاب ـ قول يا طير ـ هدى الله كاتبه.
كما هي فرصة ذهبية لمشاهدة أحد المعالم الأثرية في فلسطين وهو قصر آل حتحت الذي سيحتضن بين جنباته وجدرانه تراث ومقتنيات الأجداد
سنعلنها ـ صراحةً ـ سنحمي تراثنا الأصيل من الضياع....وكفى بالمرأةِ الفلسطينية بعد الله حارسةً له وحافظةً له...فلتخرس كل الألسن التي تتطاول على موالنا وزجلنا وأهازيجنا ...نعم فلتكسر كل الأقلام التي تسخر بثوب أجدادنا وعاداتهم وتقاليدهم ...وإنها لمعركة ثقافية وفكرية سينتصر فيها تراثنا الأصيل على كل محاولات الطمس والتشويه والتزوير.